تحقيق خادم الطريقة الشيخية : حاكمي مصطفى البوشيخي
المراجع :
الطريقة الشيخية في ميزان السنة : للأستاذ أحمد بن عثمان
سيرة البوبكرية : خليفة بن عمارة
بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم .
السلام عليكم : أبناء سيدي الشيخ .
ترجمة سيدي محمد بن سليمان رحمه الله
هو الفقيه المالكي، العارف بالله تعالى، الولي الصالح، وارث أسرار والده، وشيخ البوبكرية بعده، سيدي محمد بن سليمان إزداد حوالي 894ه – 1489م
وكان أبوه أول معلم له، ومنذ طفولته أرسله لمتابعة الدراسة في مؤسسات أخرى في الناحية حسب المخطوطات فإن سيدي محمد أخد العلوم وقراءات القرآن تحت إشراف العلامة المحدث سيدي عبد الجبار الفجيجي، والعلامة الفقيه سيدي الحاج بن عامر .
وفي ناحية الشلالة تزوج السيدة شفيرية بنت الشريف سيدي علي بوسعيد ولي قصر الغاسول، في الشمال الشرقي للشلالة .
كان سيدي محمد بن سليمان تقيا، ورعا، متواضعا، كريما، معتدلا، صبورا إزاء الغير ومحيطه، وخاصة تجاه أخيه سيدي أحمد المجذوب صاحب السلوك الفريد، كان معروفا وقورن أحيانا : " بصبر الجمل " .
أولاد سيدي محمد بن سليمان هم :
سيدي إبراهيم الأكبر سنا المدفون بالأبيض سيدي الشيخ والذي توجد قبة أخرى له في ربا الفوقاني، ( بعض الحكايات تنعته بالرجل ذي القبرين ) .
سيدي عبد القادر بن محمد المعروف بسيدي الشيخ دفين الأبيض التي تسمى بإسمه، وسيدي أحمد المدفون في بوسمغون والذي يحرص أحفاده قبة جدهم سيدي محمد بن سليمان في الشلالة الظهرانية، سيدي الطاهر، سيدي عبد الرحمان، سيدي محمد بودربال أو بولنوار وعدة بنات منهن واحدة تزوجت إبن عمها سيدي سليمان بن سيدي أحمد المجذوب، وثانية إبن عمها سيدي يحي بن صفية .
وفاته :
توفي سيدي محمد بن سليمان سنة " 976ه – 1568- 1569م " . قرب ينبوع " عين الحنش " في الشلالة الظهرانية حيث حفر قبره وغسل ودفن من طرف إبنه ووارث أسراره سيدي الشيخ .
شاء القدر أن يدفن الرجل الصالح المتواضع الذي منحته الروايات الشعبية تحبيبا فيه لقب " بنعمان موزع الخيرات " . في أجمل قبة في الجنوب الغربي، القبة التي هي الأخرى رممها حفيده سيدي الدين في بداية القرن 18 . [/align]
ترك سيدي محمد بن سليمان ابنه ووارث سره الشيخ عبد القادر بن محمد المعروف بسيدي الشيخ على رأس الزاوية البوبكرية
تحقيق خادم الطريقة الشيخية بفرنسا : مصطفى حاكمي البوشيخي .
المراجع :
الطريقة الشيخية في ميزان السنة : للأستاذ أحمد بن عثمان
سيرة البوبكرية : خليفة بن عمارة
بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله كما لا نهاية لكمالك وعد كماله .
ترجمة الشيخ عبد القادر بن محمد المعروف ب سيدي الشيخ : سيدي الشيخ رضي الله عنه
هو قطب زمانه وفريد أوانه الولي الصالح السالك العارف الكامل الواصل الوارث صاحب المقام الرفيع في العلم والورع والتربية و التصوف، ازداد حوالي سنة 940 هجرية ( 1533م) بنواحي الشلالة الظهرانية بولاية النعامة حاليا بالقطر الجزائري الشقيق. ولد من عائلة عريقة شهيرة بالعلم والصلاح والزهد والولاية و النسب الأصيل الذي يرتفع إلى خليفة رسول الله وساعده الأيمن سيدنا أبي بكر الصديق، نسب أهله للسير بعيدا في المجال الرباني، " ذرية بعضها من بعض".((6))
ـ أما والده فهو سيدي محمد بن سليمان أحد الإخوة الستة الذين خلف سيدي سليمان بن بوسماحة، وهم على التوالي بالإضافة إلى سيدي محمد الآنف الذكر، سيدي أحمد المجذوب دفين عسلة ضريحه بها مشهور جدا، سيدي عبد الله دفين بني ونيف بقرب أبيه، سيدي التومي دفين الأبيض سيد الشيخ قبره معروف يزار. كما تحكي بعض الروايات أنه خلف ابنا آخر لم يعقب اسمه سيدي بلمصابيح وابنا آخر استقر بالمغرب تحمل ذريته لقب آيت بوسماحة. كما خلف بنتا واحدة هي السيدة صفية دفينة صفيصفة، جدة قبيلة شرفاء أولاد نهار وأم الولي الصالح سيدي يحي بن صفية دفين تيارت بالجزائر. وقد عاش سيدي محمد بن سليمان طوال حياته متنقلا بنواحي الشلالتين إلى أن مات ودفن بالشلالة الظهرانية وضريحه بها شهير
ـ أما جده سيدي سليمان بن بوسماحة فهو العالم النحرير وقطب الولاية الشهير، عاش في القرن التاسع الهجري، حفظ القران الكريم مبكرا وتلقى العلم بغرناطة قبل احتلالها من طرف الإسبان حيث تضلع في علوم الحديث (خصوصا في صحيح البخاري) وبرع في (علوم التوحيد وغيرها من علوم الشرع)، ثم انتقل إلى فاس التي قضى بها مدة سبع سنوات في التعبد والإمامة والتدريس بجامع القرويين، ثم انتقل بعد ذلك إلى مراكش لنفس الغاية قبل أن يحط الرحال في النهاية بفجيج التي كانت آنذاك منارة للعلم والتصوف، حيث تسلم بها إمامة المسجد العتيق وتربع على كرسي التدريس ست سنوات كاملة. وقد برهن بجدارة على استحقاقه لهذا المنصب رغم الضغوط التي كان يتعرض لها من قبل كبار علماء فجيج الذائعي الصيت آنذاك . وقد حبته العناية الإلهية بصحبة القطب الرباني الشهير الجامع بين الشريعة والحقيقة سيدي أحمد بن يوسف الراشدي الملياني الذي تخرج على يديه بتفوق في مدة وجيزة على إثر قصة المذابيح الشهيرة التي امتحن فيها الشيخ الملياني تلاميذه الذين كان يربو عددهم على 400 ولم يجتز الامتحان بنجاح سوى سبعة. ومفاد القصة أن الشيخ الراشدي أعلن للتلاميذ أنه نظرا لقلة ذات اليد في تلك السنة فكر في أن يضحي يوم عيد الأضحى على التلاميذ فليكونوا على استعداد .وكان قد أحضر جزارا لهذه المهمة وأطلعه على ما عليه أن يقوم به، ثم أحضر مجموعة من الخرفان خفية وأمر بإحضار أول تلميذ إلى السطح ليذبح. وكان سيدي سليمان بن بوسماحة هذا أول متطوع. فذبح الجزار خروفا ولطخ ثوب التلميذ بالدم ورماه على مرأى من باقي التلاميذ ثم أهرق باقي الدم من الميزاب. وقد أحدث هذا الفعل رعبا شديدا في باقي التلاميذ الذين لم يثبت منهم إلا ستة آخرون وهم على التوالي سيدي محمد بن عبد الرحمان السهلي وسيدي محمد بن عبد الجبار الفيجيجي وسيدي أحمد بن موسى الكرزازي وسيدي أحمد بن موسى البريشي وسيدي يعقوب وسيدي بودخيل القادري((7)) ومن المفارقات العجيبة أن لسيدي عبد القادر بن محمد مبدع الطريقة موضوع الترجمة صلات متعددة بالمذابيح . فأما أول المذابيح فهو جده المباشر سيدي سليمان بن بوسماحة .وأما ثاني المذابيح سيدي محمد بن عبد الجبار الفجيجي فهو من جهة شيخ أبيه، ومن جهة أخرى تربطه به شخصيا عدة روابط ككونه شيخه في العلوم الشرعية وصهره جد ثلاثة من أبنائه، سيدي محمد وسيدي التومي وسيدي بن عيسى . وأما الذبيح الثالث سيدي محمد بن عبد الرحمان السهلي فهو شيخه الخاص الذي فتح الله له على يديه .كما له أيضا علاقات أخرى مع سيدي بودخيل وسيدي أحمد بن موسى وهما أيضا من المذابيح. وهكذا ظل الصلاح مستمرا في سلسلة أجداده، خصوصا في المرحلة المغاربية منها، ابتداء من سيدي معمر بن سليمان أبو العالية الذي كان أول من دخل المنطقة قادما من تونس دفين العباد بتلمسان، والذي يوجد له مقام شهير بقرية اربة إلى جانب أضرحة حفدته الذين تعاقبوا على المشيخة من بعده، وهم على التوالي السادة: عيسى وأبي ليلة وأبي الحياء .ويعتبر سيدي عبد القادر بن تصديقا لإحدى مكاشفات الشيخ سيدي أحمد بن يوسف الملياني((
) الذي نظر ذات يوم إلى تلميذه آنذاك سيدي سليمان بن بوسماحة، ـ جد سيدي عبد القادر بن محمد ـ وقال له سيخرج منك نور ويخرج منه نور آخر يملأ الدنيا كلها . فكان النور الأول هو ابنه سيدي محمد بن سليمان الذي سبق التعريف به، أما النور الثاني الذي ملأ الدنيا فهو سيدي عبد القادر بن محمد. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول " اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله((9))"
ويحمل سيدي عبد القادر بن محمد لقب سيدي الشيخ الذي أصبح اسمه الشائع حتى صارت ذريته تسمى بأولاد سيدي الشيخ . ويعود سبب حمله لهذا اللقب إلى كرامة متواترة مفادها أن امرأة محبة للشيخ سيدي عبد القادر بن محمد سقط ابن لها ذات يوم في جب، فنادت مستغيثة بأعلى صوتها "يا القادر يا عبد القادر". (10)فإذا بشخصين يحملان معا اسم عبد القادر يهبان لإنقاذ الطفل .أما أولهما فكان شيخ المرأة سيدي عبد القادر بن محمد الذي أعد يده للطفل من الأسفل قبل أن يسقط في الماء . وأما الثاني فكان القطب الشهير مولانا عبد القادر الجيلاني الذي سارع لإمساكه من الأعلى . ولما لاحظ هذا الأخير أن الطفل مستقر في يد شخص آخر، علم أنه أحد الأولياء هب بدوره لإغاثتها، لعلمه أنه لا يقوم بهذا الدور إلا شيخ كامل. ولما تبين له أنه يشاركه في الاسم توجه له قائلا: "ميز اسمك عن اسمي يا شيخ”، فأجابه سيدي عبد القادر بن محمد بقوله: لقد شرفتني باسم الشيخ الذي سأحمله من الآن فصاعدا ". وهكذا تمت له الشهرة بهذا اللقب على حساب اسمه الحقيقي عبد القادر.
قد اتسعت شهرة سيدي عبد القادر بن محمد اتساعا عريضا وبلغت شهرته آفاق الدنيا. وفي هذا الصدد يذكر:
الأستاذ بنعلي بوزيان في كتابه الجميل، فجيج في عهد السعديين ص 237 ما يلي:
" في نصوص السكوني وابن أبي محلي مؤشرات ومثيرات تؤكد أن زاوية الشيخ عبد القادر السماحي قامت على قاعدة بشرية عريضة جدا، غطت جميع الشرائح الاجتماعية المتفاعلة في فجيج وامتداداتها، بل إن شهرتها تجاوزت هذه الحدود إلى تافلالت وتادلا، وأقصى جنوب المغرب، وتعدتهما إلى خارجه ـ والأهم ـ أيضا ـ أنها كانت أكثر تنظيما من أي زاوية في المنطقة كما سنرى." وذات الحقيقة يؤكدها خصمه اللدود بقوله:
"..ثم استمر الحال على هذا الظن الجميل به، والثناء الجليل لظاهر صلاحه في عيني، في كل قبيل حتى انتشر وذاع صيته وامتلأت به البقاع" (عن مهراس الرؤوس).